فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل نفيس في مداخل الشيطان للفخر:

قال عليه سحائب الرحمة والرضوان:
اعلم أن المداخل التي يأتي الشيطان من قبلها في الأصل ثلاثة: الشهوة، والغضب، والهوى، فالشهوة بهيمية، والغضب سبعية، والهوى شيطانية: فالشهوة آفة لكن الغضب أعظم منه، والغضب آفة لكن الهوى أعظم منه، فقوله تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء} [العنكبوت: 45] المراد آثار الشهوة، وقوله: {والمنكر} المراد منه آثار الغضب، وقوله: {والبغى} المراد منه آثار الهوى فبالشهوة يصير الإنسان ظالمًا لنفسه، وبالغضب يصير ظالمًا لغيره، وبالهوى يتعدى ظلمه إلى حضرة جلال الله تعالى، ولهذا قال عليه السلام: «الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك وظلم عسى الله أن يتركه، فالظلم الذي لا يغفر هو الشرك بالله، والظلم الذي لا يترك هو ظلم العباد بعضهم بعضًا، والظلم الذي عسى الله أن يتركه هو ظلم الإنسان نفسه» فمنشأ الظلم الذي لا يغفر هو الهوى.
ومنشأ الظلم الذي لا يترك هو الغضب، ومنشأ الظلم الذي عسى الله أن يتركه هو الشهوة، ثم لها نتائج؛ فالحرص والبخل نتيجة الشهوة، والعجب والكبر نتيجة الغضب، والكفر والبدعة نتيجة الهوى، فإذا اجتمعت هذه الستة في بني آدم تولد منها سابع وهو الحسد وهو نهاية الأخلاق الذميمة.
كما أن الشيطان هو النهاية في الأشخاص المذمومة، ولهذا السبب ختم الله مجامع الشرور الإنسانية بالحسد، وهو قوله: {وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 5] كما ختم مجامع الخبائث الشيطانية بالوسوسة وهو قوله: {يُوَسْوِسُ في صُدُورِ الناس مِنَ الجنة والناس} [الناس: 5، 6] فليس في بني آدم أشر من الحسد كما أنه ليس في الشياطين أشر من الوسواس، بل قيل: الحاسد أشر من إبليس، لأن إبليس روي أنه أتى باب فرعون وقرع الباب فقال فرعون من هذا؟ فقال إبليس: لو كنت إلهًا لما جهلتني، فلما دخل قال فرعون: أتعرف في الأرض شرًا مني ومنك، قال: نعم، الحاسد، وبالحسد وقعت في هذه المحنة.
إذا عرفت هذا فنقول: أصول الأخلاق القبيحة هي تلك الثلاثة، والأولاد والنتائج هي هذه السبعة المذكورة فأنزل الله تعالى سورة الفاتحة وهي سبع آيات لحسم هذه الآفات السبع وأيضًا أصل سورة الفاتحة هو التسمية، وفيها الأسماء الثلاثة، وهي في مقابلة تلك الأخلاق الأصلية الفاسدة، فالأسماء الثلاثة الأصلية في مقابلة الأخلاق الثلاثة الأصلية، والآيات السبع التي هي الفاتحة في مقابلة الأخلاق السبعة، ثم إن جملة القرآن كالنتائج والشعب من الفاتحة، وكذا جميع الأخلاق الذميمة كالنتائج والشعب من تلك السبعة، فلا جرم القرآن كله كالعلاج لجميع الأخلاق الذميمة.
أما بيان أن الأمهات الثلاثة في مقابلة الأمهات الثلاثة فنقول: إن من عرف الله وعرف أنه لا إله إلا الله تباعد عنه الشيطان والهوى؛ لأن الهوى إله سوى الله يعبد، بدليل قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هَوَاهُ} [الجاثية: 23] وقال تعالى لموسى: يا موسى، خالف هواك فإني ما خلقت خلقًا نازعني في ملكي إلا الهوى، ومن عرف أنه رحمن لا يغضب، لأن منشأ الغضب طلب الولاية، والولاية للرحمن لقوله تعالى: {الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن} [الفرقان: 26] ومن عرف أنه رحيم وجب أنه يتشبه به في كونه رحيمًا وإذا صار رحيمًا لم يظلم نفسه، ولم يلطخها بالأفعال البهيمية.
وأما الأولاد السبعة فهي مقابلة الآيات السبع، وقبل أن نخوض في بيان تلك المعارضة نذكر دقيقة أخرى، وهي أنه تعالى ذكر أن تلك الأسماء الثلاثة المذكورة في التسمية في نفس السورة، وذكر معها اسمين آخرين: وهما الرب، والمالك؛ فالرب قريب من الرحيم، لقوله: {سَلاَم قَوْلًا مّن رَّبّ رَّحِيمٍ} [ياس: 58] والمالك قريب من الرحمن، لقوله تعالى: {الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن} فحصلت هذه الأسماء الثلاثة: الرب والملك، والإله، فلهذا السبب ختم الله آخر سورة القرآن عليها، والتقدير كأنه قيل: إن أتاك الشيطان من قبل الشهوة فقل: {أَعُوذُ بِرَبّ الناس} [الناس: 1] وإن أتاك من قبل الغضب فقل: {مَلِكِ الناس} [الناس: 2] وإن أتاك من قبل الهوى فقل: {إله الناس} [الناس: 3].
ولنرجع إلى بيان معارضة تلك السبعة فنقول: من قال الحمد لله فقد شكر الله، واكتفى بالحاصل، فزالت شهوته، ومن عرف أنه رب العالمين زال حرصه فيما لم يجد، وبخله فيما وجد فاندفعت عنه آفة الشهوة ولذاتها، ومن عرف أنه {مالك يوم الدين} بعد أن عرف أنه الرحمن الرحيم زال غضبه، ومن قال {إياك نعبد وإياك نستعين} زال كبره بالأول وعجبه بالثاني، فاندفعت عنه آفة الغضب بولديها، فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم} اندفع عنه شيطان الهوى، وإذا قال {صراط الذين أنعمت عليهم} زال عنه كفره وشبهته، وإذا قال {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} اندفعت عنه بدعته، فثبت أن هذه الآيات السبع دافعة لتلك الأخلاق القبيحة السبعة. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{إياك نعبد وإياك نستعين} أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {إياك نعبد} يعني إياك نوحد ونخاف ونرجو ربنا لا غيرك: {وإياك نستعين} على طاعتك وعلى أمورنا كلها.
وأخرج وكيع والفريابي عن أبي رُزين قال: سمعت عليًا قرأ هذا الحرف وكان قرشيًا فصيحًا: {إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا} يرفعهما جميعًا.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي رُزين أن عليًا قرأ: {إياك نعبد وإياك نستعين} فهمز، ومد، وشد.
وأخرج أبو القاسم البغوي والماوردي معًا في معرفة الصحابة والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فلقي العدوّ فسمعته يقول: يا: {مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين} قال: فلقد رأيت الرجال تصرع، تضربها الملائكة من بين يديها ومن خلفها». اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
إِيَّاكَ: كلمة ضمير خُصَّت بالإضافةِ إلى المُضْمَر، ويُسْتَعْمل مقدمًا على الفعل، وإيَّاكَ أَسْأَلُ؛ ولا يُسْتَعْمَلُ مؤخرًا إلاّ منفصلًا؛ فيُقال، ما عنيتُ إلاَّ إِيَّاكَ.
وهو مفعول مُقَدَّم على: {نعبد} قدِّم للاختصاصِ، وهوَ واجِبُ الانفصالِ.
واخْتَلَفُوا فيه: هَلْ هو مِنْ قَبِيل الأسماءِ الظاهرة أو المضمرة؟ فالجمهورُ: على أنه مُضْمَر.
وقال الزَّجَّاجُ رحمه الله تعالى: هو اسمُ ظاهر.
والقَائِلُون بأَنَّهُ ضمير اخْتَلَفُوا فيه على أربَعةِ أقوالٍ:
احدُهما: أنه كلمةُ ضَمِيرٍ.
والثاني: عَلَى أَنَّ إِيَّا وَحْدَهُ ضَمِير، وما بَعْدَهُ اسم مُضَاف إليه يبيّن ما يُرادُ به من تكلّم وغيبة وخطاب.
وثَالِثُها: أَنَّ إِيَّا وحده ضمير، وما بعده حُرُوف تبين ما يُرادُ به من تكلم وغيبة وخطاب.
ورابعُها: أَنَّ إيَّا عماد وما بعده هو الضميرُ، وشذّت إضافته إلى الظاهِرِ في قولِهِم: إذا بلغ الرَّجُلُ السِّتِّينَ، فإياه وإيَّايَ الشَّواب بِإضَافَةِ إيَّا إلى الشواب، وهذا يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ جَعَلَ الكَافَ، والهاء، والياء في محلّ جر، إِذا قُلْتَ: إِيَّاكَ إِيَّاه إِيَّايَ وقد اَبْعَدَ بعضُ النَّحوِيِّينَ، فجعل له اشْتِقَاقَا، ثمَّ قال: هَلْ هو مشتقّ من أَوَّ؛ كقول الشاعر في ذلك: الطويل:
فَأوِّ لِذِكْرَاهَا إِذَا ما ذَكَرْتُهَا

أَوْ منْ آيَة؛ كقوله: الرجز:
لَمْ يُبْقِ هَذَا الدَّهْرُ مِنْ آيَائِهِ

وهل وَزْنُه: إفْعَل، أو فَعِيل، أو فَعُول ثم صَيَّره التصريفُ إلى صِيغةِ إيَّا؟ وهذا الذي ذكره لا يُجْدِي فائدةً، مع أنَّ التصريفَ والاشتقاق لاَ يَدْخُلان في المتوغِّل في البناءِ وفيه لُغات: أَشْهَرُها: كَسْرُ الهمزةِ، وتَشْدِيدُ اليَاءِ، ومنها، فَتْحُ الهمزةِ وإبدالها هاء مع تشديدِ الياءِ وتَخْفِيفها؛ قال الشَّاعر: الطويل:
فَهِيَّاكَ وَالأَمْرَ الَّذي إِن الَّذِي إِنْ تَرَاحَبَتْ ** مَوَارِدُهُ ضَاقَتْ عَلِيْكَ مَصَادِرُهْ

وقال بعضُهم: {إيَّاكَ} بالتَخْفِيفِ مرغوب عنه؛ لأنه بَصيرُ: شَمْسَك نعبد؛ فإِنَّ إِيَاةَ الشمسِ: ضَوْؤُها- بكسر الهَمْزةِ، وقد تُفْتَحُ.
وقيل: هي لها بمنزلةِ الهَالةِ للقمر، فإذا حذفت التاءَ، مَدَدْتَ؛ قال: الطويل:
سَقَتْهُ إِيَاءُ الشَّمسِ إِلاَّ لِثَاتِه ** أُسِفَّ فَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بإثْمِدِ

وقد قرئ ببعضِهَا شَاذًّا.
وللضَّمائِرِ تَقسيم مُتَّسِع لا يحتمله هذا الكتاب، وإنما يأتي في غُضُونِه ما يليقُ به.
و{نَعْبُدُ} فعل مضارع مرفوع؛ لتجردِه من الناصبِ والجازِم، وقيل: لوقوعِه موقعَ الاسمِ، وهذا رأيُ البصريين.
ومعنى المضارع المشابه، يعني: أنه أشبه الاسمَ في حركاتِهِ، وسكناتِهِ، وعدَدَ حُرُوفِهِ، ألاَ تَرَى أَنَّ ضَارِبًا يُشْبِهُ يَضْرِب فيما ذكرت، وأنه يشيع ويختصُّ في الأزمانِ كما يشيعُ الاسمُ، ويختص في الأَشْخاصِ، وفَاعِلُهُ مستتر وُجُوبًا لما مرَّ في الاستعاذة.
والعبادَةُ: غايةُ التذللِ، ولا يستحقُّها إلا مَنْ له غاية الإفْضَالِ، وهو الباري تعالى وهو أبلغ من العُبُودِيَّة إظهار التذلُّلِ، ويُقالُ: طريق مُعَبَّد، أَيْ: مُذَلَّل بالوطْء فيه.
وقال طَرَفة في ذلك: الطويل:
تُبَاري عِتَاقًا نَاجِيَاتٍ وَأُتْبِعَتْ ** وَظِيفًا فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ

ومنه: العَبْدُ؛ لِذلَّتِهِ، وبَعير معبَّد: أَيْ مُذلَّل بِالقَطْرَان.
وقيل: العبادةُ التَّجَرُّدُ، ويُقالُ: عَبَدْتُ اللهَ- بالتخفيف فقط- وعَبَّدْتُ الرجل- بالتشديدِ فقط، أَيْ: ذللتُه، واتخذتُه عبدًا.
وفي قوله تعالى: {إيَّاكَ نَعْبُد} التفات مِنَ الغَيْبَةِ إلى الخِطَابِ، إِذْ لو جرى الكلامُ على اصله، لَقِل: الحمد لله، ثم قيل: إيَّاهُ نَعبدُ، والالتفاتُ: نوع مِن البلاغَةِ.
قال ابنُ الخَطيب- رحمه الله-: والفائدةُ في هذا الالتفاتِ وجوه:
أحدُها: أن المصلِّي كان أَجْنَبِيًّا عند الشروعِ في الصَّلاةِ، فلا جَرَمَ أَثْنَى على الله تعالى بألفاظ الغيبة، إلى قوله: {يَوْمِ الدِّينِ} ثم إنه تعالى كأنه قال له: حَمَدْتَنِي وأَقْرَرْتَ بكونِي إلهًا، ربَّا، رحمانًا، رحيمًا، مالكًا ليوم الدين، فَنَعْمَ العبْدُ أنت، فرفعنا الحجابَ، وأبدلنا البُعْدَ بالقُرْبِ، فتكلّم بالمخاطبة وقل: إياك نعبد.
الثاني: أنّ أحسنَ السؤالِ ما وقع على سبيلِ المُشَافَهَةِ، والسبب فيه أن الردَّ مِنَ الكريمِ إذا سُئِلَ على سبيل المشَافهة والمخاطبة بَعِيد.
ومن الالتفاتِ- إلاّ كونه عَكْسَ هذا- قولُه تبارك وتعالى: {حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم} [يونس: 22] ولم يَقُلْ: بكم؛ وقد التفتَ امرؤ القَيْسِ ثَلاثَ التفاتاتٍ في قوله: المتقارب:.
تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بَالأَثْمُدِ ** وَنَامَ الخَلِيليُّ وَلَمْ تَرْقُدِ

وَبَاتَ وبَاتَتْ لَهُ لَيْلَة ** كَلَيْلَةٍ دِي العَائِرِ الأرْمَدِ

وَذَلِكَ مِنْ نَبَأٍ جَاءنِي ** وَخُبِّرْتُهُ عَن أَبِي الأَسْوَدِ

وقد خطَّأَ بعضُهم الزمخشريَّ- رحمه الله تعالى- في جَعْلِهِ هذا ثَلاثةَ التفاتَاتٍ، وقال: بل هما التفاتان:
أحدُهما: خُروج مِنَ الخِطابِ به في قولِهِ: لَيْلُك، إلى الغَيْبَةِ في قوله: وبَاتَتْ له لَيْلَة.
والثاني: الخروجُ من هذه الغيبةِ إلى التكلِّم، في قولِه: مِنْ نَبَأ جَاءَنِي وخُبِّرْتُهُ.
والجوابُ: أَنَّ قولَه أَوّلًا: تَطَاوَلَ لَيْلُك فيه التفات؛ لأنه كان أصل الكلامِ أَنْ يقولَ: تطاول لَيْلِي؛ لأنه هو المقصودُ، فالتفتَ مِنْ مقامِ التكلُّمِ إلى مقامِ الخِطَابِ، ومن مقامِ الخِطَابِ إلى الغيبة، ثمَّ مِنَ الغيبةِ إلى التكلُّمِ الذي هو الأصل.
وقرئ شاذًّا: {إِيَّاكَ يُعْبَدُ} على بنائِهِ للمفعول الغائب؛ ووجهُها على إشْكَالِها: أن فيها استعارةً والتفاتًا:
أما الاستعارةُ: فإنه استُعِير فيها ضميرُ النصبِ لضمير الرفْع، والأصل: أنت تُعْبَدُ، وهو شائع؛ كقولِهم: عَسَاكَ، وعَسَاهُ، وعَسَانِي في أحدِ الأقوالِ؛ وقول الآخر: الرجز:
يا ابْنَ الزُّبَيْرِ طَالَمَا عَصَيْكَا ** وَطَالَمَا عَنِّيْتَنَا إِلَيْكَا

فالكافُ في عَصَيْكَا نائبة عن التاءِ، والأصل: عَصَيْتَ.
وأما الالتفاتُ: فكان من حقِّ هذا القارئ أَنْ يَقْرَأَ: {إِيَّاكَ تُعْبَدُ} بالخطابِ، ولكنه التفت من الخطاب في: {إِيَّاكَ} إلى الغَيْبَةِ في: {يُعْبَدُ} إلاّ أن هذا الالتفاتَ غَريب؛ لكونِهِ في جُمْلةٍ واحدةٍ، بخلاف الالتفاتِ المتقدّمِ؛ ونظيرُ هذا الالتفات قولُه: الطويل:
أَأَنْتَ الهِلاَلِيُّ الَّذي كُنْتَ مَرَّةً ** سَمِعْنَا بِهِ وَالأَرْحَبِيُّ المُغَلَّبُ

فقال: بِهِ بعد قوله: أَنْتَ وكُنْتَ.
و{إِيَّاكَ} واجبُ التقديم على عامله؛ لأَنَّ القاعدَةَ أَنَّ المفعولَ به إذا كان ضميرًا- لو تأخر عم عامله- وجب اتصالُهُ، من نحو: الدرهم إياه أعطيتك لأنك لو أخرتَ الضميرَ هنا فقلتَ: الدِّرْهَمُ أَعْطَيُكَ إِيَّاهُ لم يَلْزَم الاتصالُ، لما سيأتي بل يجوزُ: أعطيتكَهُ.